?value=0&label=EDBeCP3rxAMQt5ey-gM&guid=ON&script=0

الأيديولوجيا

الطريق تجاه العدالة الإجتماعية

بدأ العالم وكافة الشعوب في جميع دول العالم في اليقظة والوعي تجاه الوضع الإقتصادي الحالي والأزمة العالمية وبدأوا يطالبون من حكوماتهم في إعارة الإنتباه لحاجات مواطنيها وإتخاذ الموضوع على محمل الجد بالسماع إلى أنين الشعب وإدراك مدى المعانة التي يعاني منها تحت نيرالأزمة الإقتصادية والتي زاد ثقلها على أكتاف الشعب والعمل على إيجاد الحل الجذري لهذه المشكلة. إن هذاالإضطراب الذيتشهده الدول المختلفة ليس عبارة عن إحتجاج تجاه غلاء المواد الغذائية وإرتفاع كلفة الإسكان فقط ولكن السبب الحقيقي والرئيسي هو في تعطش الشعوب للعدالة الاجتماعية.

إلى الآن يبدو أن مبدأ العدالة الإجتماعية وكأنه هدف بعيد المنال ويصعب تطبيقه وبما أن القطاعات العديدة وفي كل مجتمع في العالم قد لحق بها التأثير السلبي الناتج عن الأزمة الإقتصادية والذي يظهرفي إنتشارالبطالة والإنخفاض في مستوى المعرفة ومستوى التعليم فإن فكرة العدالة للشخص الواحد لا بد أن تكون على حساب الشخص الآخر إذا وجد المجال لتطبيقها. وتبعاً لبنية ووضع المجتمع الإنساني في كافة دول العالم بدون إستثناء يبدو أن الوصول إلى أي حل سوف يزيد من الأمر تعقيداً ويجعل من فكرة تحقيق العدالة الإجتماعية أمر ليس صعبفحسب بل مستحيل مما سيؤدي بدوره إلى خيبة أمل كبيرة والتي بدورها ستقود العالم إلى المزيدمن الإضطراب والعنف والذي ستكون حصيلته وخيمة في إشتعال الحروب بين الدول وبالتالي إلى دمار العالم.

ولذلك إن تطبيق فكرة ومبدأ العدالة الإجتماعية يجب أن يشمل جميع شرائح وفصائل المجتمع وعلى جميع مستوياته مع عدم إهمال أي منها. فإن موجة الإضطراب التي تجتاح الأمم في سنة ٢٠١١ تُظهر مثبتةً أن العالم يتغير بشكل جذوري إذ أصبح وكأنه كياناً واحداً وبالتالي بدأ يتطلب منا أن نُعير إنتباهنا لكل جزء فيه أكانت أمة أو قبيلة على أنها مستحقة في التواجد والعيش على مستوى يتوفر فيه لأفرادها متطلبات الحياة الأساسية. فالإنسانية في يومنا هذا شبيهة بجسد الانسانالواحد المؤلف من عدة أعضاء ولكل عضو فيه مهمته الخاصة به والذي وجد من أجلها وكل هذه الأعضاء تعمل معاً في إنسجام لهدف إبقاء الجسد صحيحاً وعلى قيد الحياة, كل خلية في كل عضو في هذا الجسد تعمل مقدمة كل ما في طاقتها وبكامل قدرتها مستهلكةً ما تحتاجه فقط للقيام بعملها على أكمل وجه, هكذا نحن أيضاً إذ أن كل شخص منا كالخلية في جسد البشرية ويجب عليه العمل للصالح العام لإبقاء العالم على قيد الحياة .

وبالطريقة المماثلة يجب أن يكون النهج والأسلوب في إيجاد الحل المناسب شاملاً لجميع شرائح المجتمع العالمي. وكخطوة رئيسية ينبغي في أن تكون جميع المحادثات والمناقشات مع المسؤولين الحكوميين والمحتجين على الوضع الحالي جديرةبعين الإعتبار وعلى مستوى موزون وذو وقار وأن يتم عرضها بشكل محترمعلى الآخرين. وبما أن الكثير من الفئات لديها مطالب عادلةيتوجب على كل هذه الفئات أنتأخذ بعين الإعتبار مطاليب الفئات الأخرى على نفس المستوىمن الأهمية.

في هذا النوع من الأسلوب في خلق الجو المناسب للمحادثات لا يوجد بين الجميع من هو الصالح أو الطالح إذ يوجد هناك أناس ذو نوايا صادقةوحقيقية نحو الصالح العام للمجتمع, وهم يشاركون معاناتهم والمشاكل التي تواجهم مع الآخرين محاولينالوصول إلى حل مقبول ويتماشى مع الجميع.

فإذا أخذنا مثال الأسرة الواحدة فإننا نجد أن كل فرد فيها له حاجاته الضرورية والخاصة به فالجَد في سنه المتقدمة يحتاج إلى الدواء الضروري لكي يبقى صحيحاً والأب يحتاج إلى بدلة جديدة ليرتديها في عمله الجديد والأم تحتاج إلى مفروشات جديدة لغرفة الضيوف والإبنة تحتاج إلى دورة في تعليم اللغات والإبن حصل لتوه على رسالة قبول للإلتحاق في كلية الطب فيإحدى الجامعات الراقية والتي تتطلب منه مصاريف باهضة. بالنتيجة تجتمع الأسرة معاً في جلسة يعمها الود ليتناقشون في متطلبات كل مهنم وفي دخل الأسرة الشهري ويتجادلونفي طرح كل واحد وجهة نظره والنظر إلى حاجات الآخرين لهدف الوصول إلى حل من خلاله يستطيع الجميع الحصول على ما يحتاجونه بوضع الأولوية في توزيع المصادرفالجميع يعلمون ما هو ضروري ولا بد منه, وذاك الذي لا غنى عنه وأيضاً ما يستطيعون تأجيله لما بعد ولكن بسبب الإرتباط الذي يجمع بينهم كأفراد الأسرة الواحدة يتوافقون على ترتيب الأولويات.

نحن نرى الآن في عصرنا هذا وبسببالتعامل المتبادل بين دول العالم على المستوى الصناعي والتجاري والمالي وحتى السياحي قد تحول العالم في إرتباطه معاً وكأنه أسرة واحدة . ومع تزايد هذا النوع من الترابط في إعتماد كل بلد على الآخر مما يجعل مصطلح العولمة واقعاً حقيقياً.

الآن نحن بحاجة في أن ندرك كيفية التعامل معاً من خلال هذا المنظور فإذا أستطعنا تركيز تفكيرنا في هذا الإتجاه في معالجة الأمور وكأنها تواجه الأسرة الواحدة في جو يسوده الود والإحترام فهذا النهج سيخلق جواً من الأمان بين الجميع للتعامل معاً على مستوى ثقافي راقي ورفيع. وأيضا يجب أن لا نغفل عن الواقع في أن جميع البلدان وحكوماتها تعاني من العجز المالي بسبب الديون العالميةفي محاولة كل دولة في تغطية إحتياجاتها المختلفة ومداخلاتها في أسواق البورصة العالمية مما أدى إلى الخسائر الفادحة لبعض الدول وبالتالي تراكم الفوائد العالية التي تقع على عاتقها مما يودي إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها العالم بدون إستثناء. الأمر ليس محصور في عدم وجود وتوفر المصادر الكافية على وجه البسيطة لسد حاجات البشر, لا ليس هذا بصحيح , فالمصادر موجودة وكافية للجميع ولكن موضع التعامل مع الآخرين هو الذي يحدد توفير إحتياجات الجميع. ففي ترابط العالم وتعامله كما الأسرة الواحدة في إهتمام كل فرد بالآخر والإبتعاد عن الجشع والكراهية في إرادة الإنسان إبتلاع العالم لإشباع ذاته هو الموضوع الذي يتوجب على كل منا إعتباره إذا كنا نأمل بدوام الحياة في هذا العالم.

الموضوع هنا ليس في أن كل شخص سيحصل على كل ما يطلبه دفعة واحدة وفي آنٍ واحد بل يكون الوضع كما في مثال الأسرة الذي اوردناه قبلاً في سد الضروريات والأولويات أولاً والعمل على التعاون في توفير الحياة الكريمة للجميع ولكن إذا أردنا الوصول إلى هذه النقطة لا بد من أن نعمل معاً في السعي نحو الصالح العام آخذين في الإعتبار كل إنسان. الفكرة هنا ليست في إختراع نظام جديد وتغيير قوانيين الخليقة بل تغيير طريقة التعامل مع النظام الكائن فبدلاً من العمل لهدف إشباع الفرد لرغباته على حساب الآخرينيكونالعمل نحو تلبية حاجات الآخرين .

يجب أن يعي الجميع, الحكومات والمواطنين على حد سواء, الواقع في أنه ليس هناك أي طريقة أخرى أو أي حل آخر تحت الشمس لعلاج الأزمة العالمية إلا من خلال تطبيق مبدأ التضامن المتبادل في الجلوس حول المائدة المستديرة على قدم المساوة وعلى نفس درجة المسؤولية من خلال الترابط الذي يجمع البشرية تحت شعار العولمة لبناء مجتمع تسوده المحبة والإهتمام بالآخرين كإهتمام الإنسان بأفراد أسرته. فإن المشاكل التي تواجهنا في كل طريق ليست هي السبب فيما نحن عليه الآن بل إن السبب يكمن في التفكك الموجود بيننا والحاصل نتيجة إنهماك الجميع كل واحد بالإهتمام بنفسه على حساب الآخرين ونحن نرى حتى أن الطبيعة والتي نفسها تخضع لمبدأ التعامل المتبادل لإبقاء كل عنصر فيها على قيد الحياة قد ضاقت بأنانية البشر وإنفصالهم بعضهم عن البعض ويتجلى هذا في زيادة الكوارث الطبيعية من الجفاف والفيضانات والأعاصير والهزات الأرضية والأوبئة والأمراض التي بدأ الطب يعجز عن إيجاد العلاج لها, وعلماء الجيولوجيا يتنباؤن في حدوت المزيد من الكوارث الطبيعية على مجال واسع لم تشهده البشرية من قبل.

الحل الوحيد هو في التضامن المتبادل بين البشر والفرصة الآن متاحة أمامنا لتصحيح الوضع وإصلاحه لنجعل العالم م